اختلف الكثيرين فى معنى الفرق بين الشوق والاشتياق أيهما أقوى فقالت طائفه :الشوق أقوى فإنه صفة لازمة ، والاشتياق فيه نوع افتعال كما يدل عليه بناؤه كالاكتساب ونحوه ، وقالت فرقة :الاشتياق أقوى لكثرة حروفه ، وكلما قوى المعنى وزاد زاداوا حروفه وحكمت فرقه ثالثة بين القولين وقالت: الاشتياق يكون إلى غائب ، وأما الشوق فإنه يكون للحاضر والغائب.والصواب أن يقال:الشوق مصدر شاقه يشوقه اذا دعاه الى الاشتياق اليه فالشوق داعية الاشياق موجبه وغايته فايته فاءن يقال شاقنى فاشتقت فالاشتياق فعل مطاوع لشاقنى فهل يزول الشوق بالوصال أو يزداد؟ واختلفت أرباب الشوق بالوصال اويزيد فقالت طائفه:يزول فإن الشوق سفر القلب الى المحبوب فإن وصل اليه انتهى السفر ، كما فى هذا البيت : وألقت عصاها واستقر بها النوى *** كما قرعيناً بالاياب المسافر .
.قالوا:ولآن الشوق انما يكون لغائب فلامعنى له مع الحضور ولهذا انما يقال للغائب:أنا اليك مشتاق واما من لم يزل يزيد بالقرب واللقاء واستدلوا بقول الشاعر:واعظم مايكون الشوق يومآ *** اذا دنت الخيام من الخيام . قالوا:ولأن الشوق هو حرقة المحبة والتهاب نارها فى قلب المحب وذلك مما يزيده القرب والمواصله والصواب أن الشوق الحادث عنداللقاء والمواصلة غير النوع الذى كان عند الغيبة عن المحب قال ابن الرومى:أعانقها والنفس بعد مشوقه اليها وهل بعد العناق تدانى؟