بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لقد سألتم و أجبتم ،فعرفتم أن هذه الأعمال لا تجوز ، و أفصّل قليلاً :
العادة السرية مصطلحٌ جديد و حديث ، يُطلقُ عليها في الشرع ( الاستمناء ) أو ( ناكح اليد) ، هذه العادة من الظواهر السلبية ، و السلوكيات الخاطئة عند الشباب في سنّ المراهقة التي تلي بداية البلوغ ، هذه الفترة تُعدُّ من أخطر المراحل التي يمرّ بها الإنسان في حياته ، و الحديث عنها يطول و ليس له داعٍ هاهنا ، ولكن أقول : إنَّ من ضمن ما يمرُّ به الشاب أو الشابة خلال هذه الفترة الحرجة تلك الممارسات الخاطئة التي يقومون بها و خاصة في ظل غياب الرقابة من الأهل ؛ و في ظل غياب التربية الصحيحة التي من شأنها تهذيب سلوكيات الشباب ، يضاف إليها الصحبة السيئة التي تفاقم المشكلات في هذه المرحلة ، و أخيراً وسائل الإعلام و الاتصالات المختلفة و ما حملته من الغثّ و السمين ، كل هذه العوامل و غيرها تجعل الشاب أو الشابة رهين تلك الممارسات .
جمهور الأئمة من علماء المسلمين يرون تحريم الاستمناء باليد ، و يستدلون لذلك بقوله تعالى:
{ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (1) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (2) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (3) } .
و أضرار هذا العمل المحرم باتت لا تخفى على أحد من الناس ، فمن أشهر الأمراض الجسدية التي تصيب صاحب تلك العادة : نحول في الجسد ـ ارتعاش بالأطراف ـ و خفقان بالقلب ـ و ضعف بالبصر .. و غيرها من الأمراض الجسدية .
و أما عن أشهر الأمراض النفسية و العقلية : الذهول ـ النسيان ـ ضعف الإرادة و الذاكرة ـ الميل إلى العزلة ـ و كثرة الخجل ( عند بعضهم ) ـ و الشعور بالخوف ـ و الكسل ـ و الكآبة ـ الحزن ....
و أما عن مشاهدة الصور و الأفلام الخليعة فهي كذلك محرمة ، لأنها تقتل الفضيلة ، و الرجولة ، و تُذهبُ بالعفّة ، و الشرف ، و المروءة ، لدى من يُشاهدها ، و تدفعهم بقوة ليسلكوا طريق الغواية ، و الانحراف ، و الوقوع الفواحش ، و الزنا .
أتساءل : ما الذي يجنيه الإنسان من تلك المشاهد البذيئة ، و الصور الوضيعة ، و الأفلام الخليعة ؟ . هل يجني سوى الحسرة ، و الهمّ ، و الحزن ، و الندامة ، و الضياع ؟ . لن يطفأ ظمأ الغريزة الجنسية التي أودعها الله عزّ وجلَّ في كل واحدٍ منّا إلا طريقاً واحداً هو الزواج ، لو بقي الإنسان طوال حياته ينظر إلى تلك التفاهات ؛ لن يصل إلى مراده ، كالعطشان في الصحراء بلغ البحر ، لو شربه كله ما روى ظمأه ، و ما انطفأ عطشه .
إنَّ الشاب الذي يكبح جماح نفسه ، و يحافظ على عفته ، ويغض بصره ، لهو من الرجال الأخيار ، و الذي يتوسع في المحرمات ، و النظر إلى المحرمات ، سيجني عواقب وخيمة ، فالنظرة سهم من سهام إبليس ، و من أطلق نظراته دامت حسراته .
قال الشاعر :
كل الحوادث مبداها من النظر *** ومعظم النار من مُستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها *** فتك السهام بلا قوس ولا وَتر
والمرء ما دام ذا عين يُقلبِّها *** في أعين الغيد موقوف على الخطر
يَسُرُّ مقلته ما ضرّ مهجته *** لا مرحباً بسرور عاد بالضرر
و قال آخر : صاحب الشهوة عبدٌ فإذا غلب الشهوة صار سيدا
أيها الشاب : إنَّ من أنجع الحلول المساعدة على الوقاية من تلك الممارسات المحرمة :
1 ـ الاعتدال في الطعام و الشراب حتى لا تثور الشهوة الجنسية .
2 ـ غض البصر ، لقوله تعالى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) } النور .
3 ـ الزواج إن استطاع ذلك .
4 ـ الصوم بين الحين و الآخر لمن لم يتمكن من الزواج .
5 ـ الابتعاد عن كل ما يثير الغريزة و يؤججها ، من الصور و الأفلام الخليعة ، أو الاستماع إلى الأغاني الرخيصة .
6 ـ الابتعاد عن الخلوة قدر المستطاع .
7 ـ اجتناب مصاحبة رفاق السوء الذين يطرقون على مسامعك مثل هذه المواضيع ، و يهونون عليك المعصية .
8 ـ أخيراً إنَّ غاية ما يحتاجه الشاب المسيء لصحته و نفسه أن يصرف ذهنه و خياله و عقله إلى أمور أخرى أكثر نفعاً و فائدة ، كالمطالعة ، و الرياضة ، و التنزه ، و الاشتغال بالدراسة و ما ينفعه لمستقبله ، و غيرها من الأمور النافعة .
أيها الشباب أقلعوا عن تلك المعاصي و المحرمات ، و توبوا إلى الله ، و تيقنوا أن الله عزَّ و جلَّ سيهديكم و يوفقكم ، و يبدل سيئاتكم حسنات ، إنه نعم المولى ، و نعم المجيب .
فريــد الحــراكي